إعـداد الباحث: مولاي إدريس ابن البخاري السباعي
مـقـدمـــــــة:
أولاد أبي السباع السبعة المعروفون بشهداء الساقية الحمراء هم سبعة علماء مجاهدين من حفدة الولي الصالح المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع الجد الجامع لقبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع، استوطنوا الصحراء ما بين وادي نون والساقية الحمراء، واستشهدوا في معركة ضد الغزو البرتغالي للسواحل الصحراوية بمنطقة الساقية الحمراء، حيث توجد مزاراتهم ذات الشهرة الواسعة على الضفة اليسرى لوادي الساقية الحمراء شمال غرب مدينة السمارة بمنطقة الطويحلات الواقعة بالجماعة القروية لسيدي أحمد العروسي، يقصدها الشرفاء السباعيون وغيرهم من القبائل فرادى وجماعات في كل وقت يتوسلون ببركتها لقضاء حوائجهم ومآربهم، وإلى جوارهم ضريح الولي الصالح الشيخ سيدي أحمد العروسي (المتوفى سنة 1002هـ)، وهم من أهل القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي. فمن هم هؤلاء الرجال السبعة؟ وما هو الدور الجهادي الذي قاموا به للدفاع عن حمى الدين والوطن؟.
أولا: التعريـف بأولاد أبـي السبـاع السبعـة.
تعتبر أضرحة أبناء أبي السباع السبعة شهداء الساقية الحمراء من أهم وأشهر المزارات السباعية يقصدها الناس من جميع الأنحاء للتبرك وقضاء الحوائج، إلى جانب ضريح الجد الجامع لهذه القبيلة الولي السائح المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع دفين جبل (أضاض مدن) بإقليم تزنيت، وأضرحة أبنائه اعمر وعمران ومحمد النومر بقرية (الكصابي) بإقليم كلميم.
وتجمع المصادر التاريخية المتوفرة أن هؤلاء السباعيين السبعة الذين تصدوا للزحف البرتغالي على الشواطئ المغربية الجنوبية، هم أول السباعيين النازحين نحو الساقية الحمراء وبقية الصحراء، إذ لا نجد ذكرا لمجموعات سباعية قبل القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي بالصحراء. وهم سبعة رجال أجلاء، علماء، وأبطال شهداء صدقوا ما عاهدوا الله عليه. ويمكن التعريف بهم على النحو التالي:
1ـ محمـــــــد البقــــــــــــــــــــــــــــار:
هو محمد (الملقب البقار) بن الحاج (عمرو) بن اعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع الجد المؤسس لقبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع. ويعتبر محمد البقار الجد الجامع للفخذة المعروفة بالقبيلة السباعية باسم (أولاد البقار)، ويتواجد بعض أحفاده بإقليم شيشاوة بالمغرب موزعين بين منطقتي تغسريت وبوجمادى ضمن قريتين (أو دوارين) يحملان اسم هذا الفرع. كما يوجد عدد هام من حفدته بالقطر الموريتاني منقسمين إلى أعراش وعائلات وأسر معروفة. وقد أنجب هذا الفرع ثلة من العلماء الأفذاذ والصلحاء الأخيار الذين اشتهروا في القبيلة السباعية وخارجها بالعلم والورع والصلاح والرياسة والشجاعة وغيرها من المزايا والخصال الحميدة.
2ـ إبراهيـم بوعنقـا (أخو محمد البقار):
هو إبراهيم (المكنى بأبي عنقا) بن الحاج (عمرو) بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع. ويعتبر إبراهيم بوعنقا الجد الجامع للفرع المعروف بالقبيلة السباعية باسم (أولاد بوعنقا)، ويتواجد جل أحفاده بإقليم شيشاوة بالمغرب موزعين بين منطقتي تغسريت وبوجمادى ضمن قريتين تحملان اسم هذا الفرع. كما يتواجد بعض المنحدرين منه بالقطر الموريتاني كأهل سيدي محمد التشيتي وأهل الفاطمي. ويتميز أولاد بوعنقا بفضائل كثيرة ومزايا خاصة داخل القبيلة السباعية وخارجها كالعلم والصلاح والشجاعة والاستقامة وغيرها من الصفات الهاشمية.
3ـ عيسـى (أخو محمد البقــــار أيضا):
هو عيسى بن الحاج (عمرو) بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع، وهو الجد الجامع للفخذ المعروف بالقبيلة السباعية باسم (أولاد عيسى)، ويتواجد أحفاده على الخصوص بإقليم شيشاوة بالمغرب بمنطقة بوجمادى ضمن القرية المعروفة بـ (دوار أولاد عيسى). ويشتهر أفراد هذا الفرع بفضائل علمية وأدبية كثيرة، فجلهم علماء أفذاذ وأغلبهم مفتوح عليه من الله سبحانه وتعالى بالولاية لأنهم أهل صلاح وفلاح. وتوجد بدوار أولاد عيسى مدرسة علمية شهيرة أسسها الفقيه الجليل سيدي محمد العيساوي من ماله الخاص.
4ـ عبـــــد المولـى (ابن أخ السابقين):
هو عبد المولى بن عبد الرحمن الغازي بن الحاج (عمرو) بن اعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع. وعبد المولى هو الجد الجامع للفخذة المعروفة بالقبيلة السباعية باسم (أولاد عبد المولى)، ويتواجد أحفاده على الخصوص بإقليم شيشاوة بالمغرب ضمن القرية المعروفة بـ (دوار أولاد عبد المولى). وتوجد بأولاد عبد المولى المدرسة العلمية العتيقة التي طبقت شهرتها الآفاق أسسها العلامة النحرير والفقيه الجليل سيدي عبد المعطي بن أحمد السباعي سنة 1210هـ من حر ماله، والتي يؤمها الطلبة من كل حدب وصوب، ومازالت هذه المدرسة تنال إقبالا منقطع النظير حيث استمر نشاطها العلمي والأدبي في الازدهار والتألق.
5ـ العبـــــــــــــاس (أخو عبد المولى):
هو العباس بن عبد الرحمن الغازي بن الحاج (عمرو) بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع. والعباس هو الجد الجامع للفخذة المعروفة بالقبيلة السباعية باسم (العبابسة)، ويتواجد أحفاده بإقليم شيشاوة بالمغرب بمنطقة بوجمادى ضمن القرية المعروفة بـ (دوار العبابسة). ولهذا الفرع ميادين علمية وأدبية واجتماعية كثيرة، كما يتحلى أفراده بالخصال الحميدة كالورع والشجاعة والكرم شأنهم في ذلك شأن كل إخوانهم السباعيين. وتوجد بالعبابسة المدرسة العلمية التي أسسها العلامة الجليل سيدي عبد السلام بن عزوز، وقد حازت هذه المدرسة شهرة كبيرة أمها الطلبة من جميع القبائل لتلقي العلم والمعرفة.
6ـ محمـد المختــــار (ابن محمد البقار):
هو محمد المختار بن محمد البقار بن الحاج (عمرو) بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع. وقد سبق التعريف بوالده محمد البقار الذي استشهد معه ودفن بجواره مع بقية الشهداء السباعيين المشهورين.
7ـ محمــــــــــــــــد أكللــــــــــــــــش:
هو محمد (الملقب أكللش)، ذكر الفقيه مولاي أحمد بن المأمون السباعي أنه ابن محمد البقار، في حين صرح العالم محمد يحيى بن محمد سعد أبيه العنكاوي السباعي أن محمدا أكللش هو ابن الحاج بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع، فيصبح أخا لكل من محمد البقار وإبراهيم وعيسى، والله أعلم بالصواب. ولا تعرف ذرية لمحمد أكللش سواء بالمغرب أو بالقطر الموريتاني.
هؤلاء هم أولاد أبي السباع السبعة شهداء الساقية الحمراء المشهورين، ويذكر أن هؤلاء الشهداء شكلوا على مدى العصور قبلة للزائرين ومحطة اهتمام الأدباء والباحثين والمؤرخين سواء منهم السباعيون أو غيرهم. ويأتي في طليعة هؤلاء العلامة الشهير سيدي عبد المعطي بن أحمد السباعي (المتوفى سنة 1333هـ/1914م) الذي جمع أسماءهم ضمن أبيات نظمها بمناسبة زيارته لأضرحتهم الطاهرة في الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، حيث نوه بهم وبجارهم الشيخ سيدي أحمد العروسي، يقول فيها:
جئنا بنـي السبــــــــاع السبعـة *** ذوي الفضـائل الكرام النبعـة
سيدنـا الــــــوالـد عبـد المولى *** شقيقه العبـــــــاس فهـو أولـى
عمهمـا محمـد البـقــــــــــــارا ***سليـلـه محمـد المختـــــــــــارا
وأخويـــــــه عيسـى إبراهيمـا *** ثم أكللـــــش محمـد الكريمـا
والجار نعـم الجار أحمد الأغر *** وهو العروسي الذي قد اشتهر
والكــــــــل بالساقيـة الحمـراء*** فهـم رجالها بـلا امتـــــــــراء
كما نظم الشاعر الموريتاني، العالم الجليل محمد بن الواثق قصيدة رائعة ذكر فيها أهم مقابر ومزارات السباعيين بما فيها أضرحة الشهداء السبعة بالساقية الحمراء، محددا أسماءهم ومرغبا في زيارتهم، حيث يقول:
وزر لـدى السـاقية الحمـراء *** أبنـاءه السبعـة للحوجــــــاء
محمد أكللـش وعبد المولـى *** محمـد المختار جالي الجلى
عيسـى وإبراهيـم والنـبراس*** محمـد البقــــــــار والعبـاس
ثانيا: تصدي أولاد أبي السباع السبعة للمد الاستعماري.
يفرض علينا التطرق إلى الدور الجهادي الذي قام به الشرفاء السباعيون عامة، وأولاد أبي السباع السبعة خاصة، وضعه في سياقه التاريخي والمكاني وكذا الظروف الموضوعية التي أفرزته. فبعد سقوط آخر معقل إسلامي بالأندلس توجهت جحافل الصليبيين ابتداء من القرن العاشر الهجري الذي يصادف بداية القرن السادس عشر الميلادي إلى المغرب جارهم المسلم، فاحتلوا سواحله من شمالها ابتداء من سبتة سنة 818هـ/1414م، ثم طنجة سنة 896هـ/1464م، بعدهما أتى دور بقية الثغور الموجودة على الساحل الأطلسي بما فيها أكادير وما يليه من السواحل الصحراوية سنة 912هـ/1504م، قبل أن تحتل آسفي سنة 910هـ/1506م، وقبلها البريجة. وكان من نتائج هذا الاحتلال ضعف السلطة الوطاسية الحاكمة وتراجع نفوذها وانحساره في فاس العاصمة وضواحها ، وتزايد النفوذ البرتغالي وامتد إلى المناطق الداخلية كمناطق عبدة ودكالة وشيشاوة وكل السواحل المغربية. وفي خضم هذا الجو المشحون انتفض الشعب المغربي بزعامة ثلة من المتصوفة وأرباب الزوايا وعدد من رواد الفكر والجهاد، ومن ضمنهم عدد من الشيوخ والصلحاء السباعيين الذين تصدوا للاحتلال البرتغالي، وقادوا حركات جهادية حتى قبل ظهور الحركة السعدية، فاستشهد عدد كبير من العلماء والأولياء والقادة، ووقع الكثير منهم في الأسر كالشيخين سيدي عبد الله بن ساسي العزوزي السباعي ورفيقه رحال الكوش وغيرهما.
تصدى السباعيون إذن ضمن المجاهدين من مختلف القبائل المغربية للتسللات الأجنبية التي لم تنحصر في مناطق دكالة وعبدة والحوز بل امتدت إلى أعماق الصحراء وعلى امتداد السواحل الصحراوية. ففي إطار مقاومة الغزاة البرتغاليين، وفي إطار الحركة الجهادية المنظمة التي قادها الشرفاء السعديون وجه السلطان أبو العباس أحمد الأعرج (918هـ) حملة عسكرية مهمة من مراكش إلى الساقية الحمراء عبر ميناء آسفي كان جل مقاتليها من أبناء أبي السباع لما عرف فيهم من قوة الشكيمة والتفاني في الذود عن حوزة البلاد، فتمكنوا من إجلاء البرتغاليين عن الشواطئ الجنوبية وفتحوا حصن أكادير، ثم سار الجيش على بركة الله إلى أن التقى بالحامية النصرانية بوادي الساقية الحمراء، وهناك التقى الجمعان، وحمى وطيس المعركة واشتد النزال وانتهى بانهزام العدو وخروجه من الساقية الحمراء إلى غير رجعة.
وكان من بين شهداء المعركة أولاد أبي السباع السبعة شهداء الطويحيلات (إحدى روافد وادي الساقية الحمراء يبعد عن مدينة السمارة بحوالي 30 كلم نحو الشمال الغربي)، مسجلين ملامح بطولية كتبها التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز.
وقد أشار القاضي طوير الجنة الإدوالحاجي في حكمه الشهير حول النزاع بين قبيلتي الشرفاء أولاد أبي السباع وأولاد تيدرارين على منطقة إمريكلي الزراعية إلى دور السباعيين في الجهاد وطرد النصارى من الساقية الحمراء، وكذا ملكيتهم لأراضي شاسعة تمتد من الساقية الحمراء إلى النخيلة، وذلك بالاستناد إلى إفادات عدد كبير من الشهود العدول الذين صرحوا بـ «أن أولاد أبي السباع ملكهم من الساقية الحمراء إلى النخيلة من قبل أن يملكه أحد ولا ينزله غيرهم إلا بقية من كندوز لأنهم هم الذين النصارى من الساقية الحمراء، فسكنها سيدي عمارة وبنى فيها الديار، وغرس النخيل، ومات فيها أبناء عمه مجاهدين في سبيل الله والدليل على ذلك قصة ولي الله في مدحه لهم حين قتلهم الكافر الشمسعي».
كما يؤكد الباحث الفرنسي دلاشابيل (De la Chapelle) في مقاله حول «تاريخ الصحراء الغربية» المنشور سنة 1930 أن طرد البرتغاليين عن الشواطئ الصحراوية راجع إلى السباعيين.
وقد خلد الشعراء في قصائدهم وأشعارهم الملاحم والبطولات التي سجلها السباعيون بمداد الفخر والاعتزاز، ومن هؤلاء الشعراء نذكر على سبيل المثال لا الحصر الشاعر والأديب الكبير محمد الأمين بن خطري العلوي الذي نوه بجهاد أولاد أبي السباع ونضالاتهم ضد البرتغاليين على وجه الخصوص، يقول الشاعر:
أولاد أبي السبـاع لكم لباس*** من المجـد مـدى الليـالـي
ومن العلـوم جمعتـم علمـا ***أجل من اليواقيـت واللئالـي
جهاد البرتغـال له خرجتـم*** على الخيل المسومة الطـوال
عليهـا كالأسود ذو سـلاح*** تقــال بالسيـوف وبالنبـال
مغـارب من دياركم خرجتم ***لإرهـاب العـدو وللنضـال
تصولوا بالعـداة بكل سهـم*** يــروع الأسد آكلـة الرجال
قتـال الشمسعي بـه قتلتـم*** كذلك الديـــن ينصر بالقتال
والشمسعي المذكور في هذه القصيدة هو قائد برتغالي تطلق عليه الوثائق المحلية اسم ”الشمسعي“، في حين تطلق عليه الكتابات الغربية اسم ”Somida“. ويرى الأستاذ الباحث صالح بن بكار السباعي أن الشمسعي كان قائدا محاربا متعاونا مع البرتغاليين وعميلا من أكبر عملائمهم، ويذكر التاريخ أنه قاد فرقة كبيرة من الجيش البرتغالي إلى منطقة ”الطويحلات“ في غياب أغلب الرجال المقاتلين في تجارة لهم، فارتكب مجزرة كبيرة راح ضحيتها ما وجد من مقاتلين ومن بينهم السباعيون السبعة شهداء الساقية الحمراء.
وتلعب المزارات العظيمة كأضرحة أولاد أبي السباع السبعة دورا هاما في تفجير المشاعر الوطنية وإحياء ذكريات المفاخر والأمجاد في النفوس لما تمثله في ذاكرة المجتمع من رموز ودلالات، كما تشكل أداة للتواصل والتعارف، ووسيلة للتراحم والتآلف ليس فقط بين مكونات القبيلة السباعية على اختلاف مواطنهم وإقامات سكناهم، ولكن بين المغاربة وجيرانهم من مختلف الدول والشعوب.
ونأمل مستقبلا أن يلتئم في هذا المكان الطاهر شمل السباعيين من جميع أقطار المغرب العربي ومن جميع الدول التي توجد بها الجاليات السباعية لإحياء صلة الرحم ولتمتين أواصر وجسور التواصل والتآزر عن طريق تنظيم موسم سنوي بأضرحة الشهداء السبعة لإحياء ذكرى هؤلاء الرجال المخلصين لدينهم ووطنهم، وذكرى جارهم الأغر الولي الصالح الشيخ سيدي أحمد العروسي الأشهر، موسم يلتقي فيه الشرفاء السباعيون وأبناء عمومتهم العروسيين وغيرهم من القبائل من داخل المغرب وخارجه، وتمارس على هامشه أنشطة تجارية وثقافية، وهو مطلب ليس صعب المنال ولا مستحيل التحقيق خصوصا بعد أن أضحت جماعة سيدي أحمد العروسي تتوفر على المرافق الضرورية والبنية التحتية المناسبة لإقامة مثل هذا التجمع الكبير الذي من بين أهدافه السامية تعزيز روابط القرابة والنسب وحسن الجوار بين مختلف القبائل المتواجدة بالصحراء المغربية وإخوانهم بشمال المملكة وخارجها.
كما نغتنم هذه الفرصة السعيدة لدعوة كافة الشرفاء السباعيين إلى تكثيف جهودهم المادية والمعنوية، وذلك من أجل ترميم أضرحة هؤلاء الشهداء وإعادة الاعتبار إليها عن طريق تشييد قبة كبيرة على أضرحتهم وفتح باب خاص بزوارهم في الجهة الجنوبية الشرقية الموالية لهم من سور المقبرة وكتابة لافتة أو لوحة رخامية تبين أسماءهم وتخلد لذكرى جهادهم ودفاعهم عن حمى الدين وحوزة الوطن، وما ذلك بعزيز على الشرفاء السباعيين المعروفين بالإباء والشهامة والمروءة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصـادر والمراجـع:
ـ صالح بن بكار السباعي، الأنس والإمتاع في أعلام الأشراف أولاد أبي السباع، دار وليلي للطباعة والنشر، مراكش، 2000؛
ـ صالح بن بكار السباعي، ”شهداء الطويحيل“ مقال مرقون بحوزتنا نسخة منه؛ ـ مولاي أحمد بن المأمون لشقر السباعي، الإبداع والإتباع في تزكية شرف أبناء أبي السباع، مطبعة الجنوب، الدار البيضاء، 1994؛
ـ محمذن بن الزرقاني، تشنيف الأسماع من كتاب اللؤلؤ المشاع في مآثر أبناء أبي السباع، مرقون، أنواكشوط، موريتانيا، 2000؛
ـ الشيخ ماء العينين بن الشيخ أحمد السباعي، الأنساب في صالح الأنساب، مرقون، أنواكشوط، موريتانيا، بدون تاريخ؛
ـ اطوير الجنة الإدوالحاجي، حكم قضائي حول النزاع على بلد إمريكلي بين قبيلتي أولاد أبي السباع وأولاد تيدرارين، نسخة بتاريخ 1004هـ،
ـ محمد دحمان، الترحال والاستقرار من خلال دراسة سوسيو ـ تاريخية لقبيلة أولاد أبي السباع (حالة المغرب وموريتانيا)، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في علم الاجتماع، كلية الآداب، الرباط، الموسم الجامعي 2003/2004؛
- De la Chapelle (F), «Esquisse d’une histoire du sahara occidental», acte du 7eme congrès de L’IHEM, Rabat, 1930.
مـقـدمـــــــة:
أولاد أبي السباع السبعة المعروفون بشهداء الساقية الحمراء هم سبعة علماء مجاهدين من حفدة الولي الصالح المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع الجد الجامع لقبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع، استوطنوا الصحراء ما بين وادي نون والساقية الحمراء، واستشهدوا في معركة ضد الغزو البرتغالي للسواحل الصحراوية بمنطقة الساقية الحمراء، حيث توجد مزاراتهم ذات الشهرة الواسعة على الضفة اليسرى لوادي الساقية الحمراء شمال غرب مدينة السمارة بمنطقة الطويحلات الواقعة بالجماعة القروية لسيدي أحمد العروسي، يقصدها الشرفاء السباعيون وغيرهم من القبائل فرادى وجماعات في كل وقت يتوسلون ببركتها لقضاء حوائجهم ومآربهم، وإلى جوارهم ضريح الولي الصالح الشيخ سيدي أحمد العروسي (المتوفى سنة 1002هـ)، وهم من أهل القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي. فمن هم هؤلاء الرجال السبعة؟ وما هو الدور الجهادي الذي قاموا به للدفاع عن حمى الدين والوطن؟.
أولا: التعريـف بأولاد أبـي السبـاع السبعـة.
تعتبر أضرحة أبناء أبي السباع السبعة شهداء الساقية الحمراء من أهم وأشهر المزارات السباعية يقصدها الناس من جميع الأنحاء للتبرك وقضاء الحوائج، إلى جانب ضريح الجد الجامع لهذه القبيلة الولي السائح المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع دفين جبل (أضاض مدن) بإقليم تزنيت، وأضرحة أبنائه اعمر وعمران ومحمد النومر بقرية (الكصابي) بإقليم كلميم.
وتجمع المصادر التاريخية المتوفرة أن هؤلاء السباعيين السبعة الذين تصدوا للزحف البرتغالي على الشواطئ المغربية الجنوبية، هم أول السباعيين النازحين نحو الساقية الحمراء وبقية الصحراء، إذ لا نجد ذكرا لمجموعات سباعية قبل القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي بالصحراء. وهم سبعة رجال أجلاء، علماء، وأبطال شهداء صدقوا ما عاهدوا الله عليه. ويمكن التعريف بهم على النحو التالي:
1ـ محمـــــــد البقــــــــــــــــــــــــــــار:
هو محمد (الملقب البقار) بن الحاج (عمرو) بن اعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع الجد المؤسس لقبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع. ويعتبر محمد البقار الجد الجامع للفخذة المعروفة بالقبيلة السباعية باسم (أولاد البقار)، ويتواجد بعض أحفاده بإقليم شيشاوة بالمغرب موزعين بين منطقتي تغسريت وبوجمادى ضمن قريتين (أو دوارين) يحملان اسم هذا الفرع. كما يوجد عدد هام من حفدته بالقطر الموريتاني منقسمين إلى أعراش وعائلات وأسر معروفة. وقد أنجب هذا الفرع ثلة من العلماء الأفذاذ والصلحاء الأخيار الذين اشتهروا في القبيلة السباعية وخارجها بالعلم والورع والصلاح والرياسة والشجاعة وغيرها من المزايا والخصال الحميدة.
2ـ إبراهيـم بوعنقـا (أخو محمد البقار):
هو إبراهيم (المكنى بأبي عنقا) بن الحاج (عمرو) بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع. ويعتبر إبراهيم بوعنقا الجد الجامع للفرع المعروف بالقبيلة السباعية باسم (أولاد بوعنقا)، ويتواجد جل أحفاده بإقليم شيشاوة بالمغرب موزعين بين منطقتي تغسريت وبوجمادى ضمن قريتين تحملان اسم هذا الفرع. كما يتواجد بعض المنحدرين منه بالقطر الموريتاني كأهل سيدي محمد التشيتي وأهل الفاطمي. ويتميز أولاد بوعنقا بفضائل كثيرة ومزايا خاصة داخل القبيلة السباعية وخارجها كالعلم والصلاح والشجاعة والاستقامة وغيرها من الصفات الهاشمية.
3ـ عيسـى (أخو محمد البقــــار أيضا):
هو عيسى بن الحاج (عمرو) بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع، وهو الجد الجامع للفخذ المعروف بالقبيلة السباعية باسم (أولاد عيسى)، ويتواجد أحفاده على الخصوص بإقليم شيشاوة بالمغرب بمنطقة بوجمادى ضمن القرية المعروفة بـ (دوار أولاد عيسى). ويشتهر أفراد هذا الفرع بفضائل علمية وأدبية كثيرة، فجلهم علماء أفذاذ وأغلبهم مفتوح عليه من الله سبحانه وتعالى بالولاية لأنهم أهل صلاح وفلاح. وتوجد بدوار أولاد عيسى مدرسة علمية شهيرة أسسها الفقيه الجليل سيدي محمد العيساوي من ماله الخاص.
4ـ عبـــــد المولـى (ابن أخ السابقين):
هو عبد المولى بن عبد الرحمن الغازي بن الحاج (عمرو) بن اعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع. وعبد المولى هو الجد الجامع للفخذة المعروفة بالقبيلة السباعية باسم (أولاد عبد المولى)، ويتواجد أحفاده على الخصوص بإقليم شيشاوة بالمغرب ضمن القرية المعروفة بـ (دوار أولاد عبد المولى). وتوجد بأولاد عبد المولى المدرسة العلمية العتيقة التي طبقت شهرتها الآفاق أسسها العلامة النحرير والفقيه الجليل سيدي عبد المعطي بن أحمد السباعي سنة 1210هـ من حر ماله، والتي يؤمها الطلبة من كل حدب وصوب، ومازالت هذه المدرسة تنال إقبالا منقطع النظير حيث استمر نشاطها العلمي والأدبي في الازدهار والتألق.
5ـ العبـــــــــــــاس (أخو عبد المولى):
هو العباس بن عبد الرحمن الغازي بن الحاج (عمرو) بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع. والعباس هو الجد الجامع للفخذة المعروفة بالقبيلة السباعية باسم (العبابسة)، ويتواجد أحفاده بإقليم شيشاوة بالمغرب بمنطقة بوجمادى ضمن القرية المعروفة بـ (دوار العبابسة). ولهذا الفرع ميادين علمية وأدبية واجتماعية كثيرة، كما يتحلى أفراده بالخصال الحميدة كالورع والشجاعة والكرم شأنهم في ذلك شأن كل إخوانهم السباعيين. وتوجد بالعبابسة المدرسة العلمية التي أسسها العلامة الجليل سيدي عبد السلام بن عزوز، وقد حازت هذه المدرسة شهرة كبيرة أمها الطلبة من جميع القبائل لتلقي العلم والمعرفة.
6ـ محمـد المختــــار (ابن محمد البقار):
هو محمد المختار بن محمد البقار بن الحاج (عمرو) بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع. وقد سبق التعريف بوالده محمد البقار الذي استشهد معه ودفن بجواره مع بقية الشهداء السباعيين المشهورين.
7ـ محمــــــــــــــــد أكللــــــــــــــــش:
هو محمد (الملقب أكللش)، ذكر الفقيه مولاي أحمد بن المأمون السباعي أنه ابن محمد البقار، في حين صرح العالم محمد يحيى بن محمد سعد أبيه العنكاوي السباعي أن محمدا أكللش هو ابن الحاج بن أعمر بن المولى عامر الهامل المكنى بأبي السباع، فيصبح أخا لكل من محمد البقار وإبراهيم وعيسى، والله أعلم بالصواب. ولا تعرف ذرية لمحمد أكللش سواء بالمغرب أو بالقطر الموريتاني.
هؤلاء هم أولاد أبي السباع السبعة شهداء الساقية الحمراء المشهورين، ويذكر أن هؤلاء الشهداء شكلوا على مدى العصور قبلة للزائرين ومحطة اهتمام الأدباء والباحثين والمؤرخين سواء منهم السباعيون أو غيرهم. ويأتي في طليعة هؤلاء العلامة الشهير سيدي عبد المعطي بن أحمد السباعي (المتوفى سنة 1333هـ/1914م) الذي جمع أسماءهم ضمن أبيات نظمها بمناسبة زيارته لأضرحتهم الطاهرة في الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، حيث نوه بهم وبجارهم الشيخ سيدي أحمد العروسي، يقول فيها:
جئنا بنـي السبــــــــاع السبعـة *** ذوي الفضـائل الكرام النبعـة
سيدنـا الــــــوالـد عبـد المولى *** شقيقه العبـــــــاس فهـو أولـى
عمهمـا محمـد البـقــــــــــــارا ***سليـلـه محمـد المختـــــــــــارا
وأخويـــــــه عيسـى إبراهيمـا *** ثم أكللـــــش محمـد الكريمـا
والجار نعـم الجار أحمد الأغر *** وهو العروسي الذي قد اشتهر
والكــــــــل بالساقيـة الحمـراء*** فهـم رجالها بـلا امتـــــــــراء
كما نظم الشاعر الموريتاني، العالم الجليل محمد بن الواثق قصيدة رائعة ذكر فيها أهم مقابر ومزارات السباعيين بما فيها أضرحة الشهداء السبعة بالساقية الحمراء، محددا أسماءهم ومرغبا في زيارتهم، حيث يقول:
وزر لـدى السـاقية الحمـراء *** أبنـاءه السبعـة للحوجــــــاء
محمد أكللـش وعبد المولـى *** محمـد المختار جالي الجلى
عيسـى وإبراهيـم والنـبراس*** محمـد البقــــــــار والعبـاس
ثانيا: تصدي أولاد أبي السباع السبعة للمد الاستعماري.
يفرض علينا التطرق إلى الدور الجهادي الذي قام به الشرفاء السباعيون عامة، وأولاد أبي السباع السبعة خاصة، وضعه في سياقه التاريخي والمكاني وكذا الظروف الموضوعية التي أفرزته. فبعد سقوط آخر معقل إسلامي بالأندلس توجهت جحافل الصليبيين ابتداء من القرن العاشر الهجري الذي يصادف بداية القرن السادس عشر الميلادي إلى المغرب جارهم المسلم، فاحتلوا سواحله من شمالها ابتداء من سبتة سنة 818هـ/1414م، ثم طنجة سنة 896هـ/1464م، بعدهما أتى دور بقية الثغور الموجودة على الساحل الأطلسي بما فيها أكادير وما يليه من السواحل الصحراوية سنة 912هـ/1504م، قبل أن تحتل آسفي سنة 910هـ/1506م، وقبلها البريجة. وكان من نتائج هذا الاحتلال ضعف السلطة الوطاسية الحاكمة وتراجع نفوذها وانحساره في فاس العاصمة وضواحها ، وتزايد النفوذ البرتغالي وامتد إلى المناطق الداخلية كمناطق عبدة ودكالة وشيشاوة وكل السواحل المغربية. وفي خضم هذا الجو المشحون انتفض الشعب المغربي بزعامة ثلة من المتصوفة وأرباب الزوايا وعدد من رواد الفكر والجهاد، ومن ضمنهم عدد من الشيوخ والصلحاء السباعيين الذين تصدوا للاحتلال البرتغالي، وقادوا حركات جهادية حتى قبل ظهور الحركة السعدية، فاستشهد عدد كبير من العلماء والأولياء والقادة، ووقع الكثير منهم في الأسر كالشيخين سيدي عبد الله بن ساسي العزوزي السباعي ورفيقه رحال الكوش وغيرهما.
تصدى السباعيون إذن ضمن المجاهدين من مختلف القبائل المغربية للتسللات الأجنبية التي لم تنحصر في مناطق دكالة وعبدة والحوز بل امتدت إلى أعماق الصحراء وعلى امتداد السواحل الصحراوية. ففي إطار مقاومة الغزاة البرتغاليين، وفي إطار الحركة الجهادية المنظمة التي قادها الشرفاء السعديون وجه السلطان أبو العباس أحمد الأعرج (918هـ) حملة عسكرية مهمة من مراكش إلى الساقية الحمراء عبر ميناء آسفي كان جل مقاتليها من أبناء أبي السباع لما عرف فيهم من قوة الشكيمة والتفاني في الذود عن حوزة البلاد، فتمكنوا من إجلاء البرتغاليين عن الشواطئ الجنوبية وفتحوا حصن أكادير، ثم سار الجيش على بركة الله إلى أن التقى بالحامية النصرانية بوادي الساقية الحمراء، وهناك التقى الجمعان، وحمى وطيس المعركة واشتد النزال وانتهى بانهزام العدو وخروجه من الساقية الحمراء إلى غير رجعة.
وكان من بين شهداء المعركة أولاد أبي السباع السبعة شهداء الطويحيلات (إحدى روافد وادي الساقية الحمراء يبعد عن مدينة السمارة بحوالي 30 كلم نحو الشمال الغربي)، مسجلين ملامح بطولية كتبها التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز.
وقد أشار القاضي طوير الجنة الإدوالحاجي في حكمه الشهير حول النزاع بين قبيلتي الشرفاء أولاد أبي السباع وأولاد تيدرارين على منطقة إمريكلي الزراعية إلى دور السباعيين في الجهاد وطرد النصارى من الساقية الحمراء، وكذا ملكيتهم لأراضي شاسعة تمتد من الساقية الحمراء إلى النخيلة، وذلك بالاستناد إلى إفادات عدد كبير من الشهود العدول الذين صرحوا بـ «أن أولاد أبي السباع ملكهم من الساقية الحمراء إلى النخيلة من قبل أن يملكه أحد ولا ينزله غيرهم إلا بقية من كندوز لأنهم هم الذين النصارى من الساقية الحمراء، فسكنها سيدي عمارة وبنى فيها الديار، وغرس النخيل، ومات فيها أبناء عمه مجاهدين في سبيل الله والدليل على ذلك قصة ولي الله في مدحه لهم حين قتلهم الكافر الشمسعي».
كما يؤكد الباحث الفرنسي دلاشابيل (De la Chapelle) في مقاله حول «تاريخ الصحراء الغربية» المنشور سنة 1930 أن طرد البرتغاليين عن الشواطئ الصحراوية راجع إلى السباعيين.
وقد خلد الشعراء في قصائدهم وأشعارهم الملاحم والبطولات التي سجلها السباعيون بمداد الفخر والاعتزاز، ومن هؤلاء الشعراء نذكر على سبيل المثال لا الحصر الشاعر والأديب الكبير محمد الأمين بن خطري العلوي الذي نوه بجهاد أولاد أبي السباع ونضالاتهم ضد البرتغاليين على وجه الخصوص، يقول الشاعر:
أولاد أبي السبـاع لكم لباس*** من المجـد مـدى الليـالـي
ومن العلـوم جمعتـم علمـا ***أجل من اليواقيـت واللئالـي
جهاد البرتغـال له خرجتـم*** على الخيل المسومة الطـوال
عليهـا كالأسود ذو سـلاح*** تقــال بالسيـوف وبالنبـال
مغـارب من دياركم خرجتم ***لإرهـاب العـدو وللنضـال
تصولوا بالعـداة بكل سهـم*** يــروع الأسد آكلـة الرجال
قتـال الشمسعي بـه قتلتـم*** كذلك الديـــن ينصر بالقتال
والشمسعي المذكور في هذه القصيدة هو قائد برتغالي تطلق عليه الوثائق المحلية اسم ”الشمسعي“، في حين تطلق عليه الكتابات الغربية اسم ”Somida“. ويرى الأستاذ الباحث صالح بن بكار السباعي أن الشمسعي كان قائدا محاربا متعاونا مع البرتغاليين وعميلا من أكبر عملائمهم، ويذكر التاريخ أنه قاد فرقة كبيرة من الجيش البرتغالي إلى منطقة ”الطويحلات“ في غياب أغلب الرجال المقاتلين في تجارة لهم، فارتكب مجزرة كبيرة راح ضحيتها ما وجد من مقاتلين ومن بينهم السباعيون السبعة شهداء الساقية الحمراء.
وتلعب المزارات العظيمة كأضرحة أولاد أبي السباع السبعة دورا هاما في تفجير المشاعر الوطنية وإحياء ذكريات المفاخر والأمجاد في النفوس لما تمثله في ذاكرة المجتمع من رموز ودلالات، كما تشكل أداة للتواصل والتعارف، ووسيلة للتراحم والتآلف ليس فقط بين مكونات القبيلة السباعية على اختلاف مواطنهم وإقامات سكناهم، ولكن بين المغاربة وجيرانهم من مختلف الدول والشعوب.
ونأمل مستقبلا أن يلتئم في هذا المكان الطاهر شمل السباعيين من جميع أقطار المغرب العربي ومن جميع الدول التي توجد بها الجاليات السباعية لإحياء صلة الرحم ولتمتين أواصر وجسور التواصل والتآزر عن طريق تنظيم موسم سنوي بأضرحة الشهداء السبعة لإحياء ذكرى هؤلاء الرجال المخلصين لدينهم ووطنهم، وذكرى جارهم الأغر الولي الصالح الشيخ سيدي أحمد العروسي الأشهر، موسم يلتقي فيه الشرفاء السباعيون وأبناء عمومتهم العروسيين وغيرهم من القبائل من داخل المغرب وخارجه، وتمارس على هامشه أنشطة تجارية وثقافية، وهو مطلب ليس صعب المنال ولا مستحيل التحقيق خصوصا بعد أن أضحت جماعة سيدي أحمد العروسي تتوفر على المرافق الضرورية والبنية التحتية المناسبة لإقامة مثل هذا التجمع الكبير الذي من بين أهدافه السامية تعزيز روابط القرابة والنسب وحسن الجوار بين مختلف القبائل المتواجدة بالصحراء المغربية وإخوانهم بشمال المملكة وخارجها.
كما نغتنم هذه الفرصة السعيدة لدعوة كافة الشرفاء السباعيين إلى تكثيف جهودهم المادية والمعنوية، وذلك من أجل ترميم أضرحة هؤلاء الشهداء وإعادة الاعتبار إليها عن طريق تشييد قبة كبيرة على أضرحتهم وفتح باب خاص بزوارهم في الجهة الجنوبية الشرقية الموالية لهم من سور المقبرة وكتابة لافتة أو لوحة رخامية تبين أسماءهم وتخلد لذكرى جهادهم ودفاعهم عن حمى الدين وحوزة الوطن، وما ذلك بعزيز على الشرفاء السباعيين المعروفين بالإباء والشهامة والمروءة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصـادر والمراجـع:
ـ صالح بن بكار السباعي، الأنس والإمتاع في أعلام الأشراف أولاد أبي السباع، دار وليلي للطباعة والنشر، مراكش، 2000؛
ـ صالح بن بكار السباعي، ”شهداء الطويحيل“ مقال مرقون بحوزتنا نسخة منه؛ ـ مولاي أحمد بن المأمون لشقر السباعي، الإبداع والإتباع في تزكية شرف أبناء أبي السباع، مطبعة الجنوب، الدار البيضاء، 1994؛
ـ محمذن بن الزرقاني، تشنيف الأسماع من كتاب اللؤلؤ المشاع في مآثر أبناء أبي السباع، مرقون، أنواكشوط، موريتانيا، 2000؛
ـ الشيخ ماء العينين بن الشيخ أحمد السباعي، الأنساب في صالح الأنساب، مرقون، أنواكشوط، موريتانيا، بدون تاريخ؛
ـ اطوير الجنة الإدوالحاجي، حكم قضائي حول النزاع على بلد إمريكلي بين قبيلتي أولاد أبي السباع وأولاد تيدرارين، نسخة بتاريخ 1004هـ،
ـ محمد دحمان، الترحال والاستقرار من خلال دراسة سوسيو ـ تاريخية لقبيلة أولاد أبي السباع (حالة المغرب وموريتانيا)، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في علم الاجتماع، كلية الآداب، الرباط، الموسم الجامعي 2003/2004؛
- De la Chapelle (F), «Esquisse d’une histoire du sahara occidental», acte du 7eme congrès de L’IHEM, Rabat, 1930.
السبت 20 أغسطس 2011, 00:29 من طرف samba
» معنى الصلاه على النبى صلى الله عليه وسلم؟
السبت 20 أغسطس 2011, 00:24 من طرف samba
» *** إلى أي مدى يمكن للمجتمع أن يحدد حرية الفرد ؟؟؟
الخميس 18 أغسطس 2011, 18:52 من طرف samba
» علاقة اللغة بالفكر
الخميس 18 أغسطس 2011, 18:50 من طرف samba
» المشكل الأخلاقي:
الخميس 18 أغسطس 2011, 18:34 من طرف samba
» مدخل إلى فقه الأقليات
الخميس 18 أغسطس 2011, 17:14 من طرف samba
» لماذا لا يتحد العرب؟
الخميس 18 أغسطس 2011, 17:06 من طرف samba
» أولاد أبي السباع
الإثنين 21 فبراير 2011, 15:24 من طرف samba
» نكة منوعه
الأربعاء 16 فبراير 2011, 21:27 من طرف samba