samba abd dayem chatt

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد و ال محمد
احببت ان ارحب بكل زائر و زائرة باسمي و اسم كل عضو بالمنتدى
و نقول لكم
حللتم اهلا و نزلتم سهلا
ان شاء الله يكون المنتدى قد نال اعجابكم
و اذا كان كذلك
لا تترددوا سجلوا فورا
و شاركونا
نتمنى لكم جولة موفقه
بالتوفيق و نسألكم الدعاء
samba abd dayem

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

samba abd dayem chatt

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد و ال محمد
احببت ان ارحب بكل زائر و زائرة باسمي و اسم كل عضو بالمنتدى
و نقول لكم
حللتم اهلا و نزلتم سهلا
ان شاء الله يكون المنتدى قد نال اعجابكم
و اذا كان كذلك
لا تترددوا سجلوا فورا
و شاركونا
نتمنى لكم جولة موفقه
بالتوفيق و نسألكم الدعاء
samba abd dayem

samba abd dayem chatt

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى منكم واليكم اخوتي الكرام  لإبداء آرائكم وتعاليقكم في كل ماهو جديد

مرحبا بكم في القسم الجديد خواطر فنية التي اخطها بقلمي والتي ستتحدث بجرأة تحليلية موضوعية بعض الخفايا والهوامش التي قلما تناقش في اللقاءات والمنتديات الفنية على صعيد الاعلام ماساكتبه يعبر عن قناعتي ورأيي الشخصيين .مما يجعله قابلا للنقد وهذا الامر متاح لجميع الأعضاء في ردودهم في حدود الالتزام ببرتكول الحوار وهكذا في الاخير سنكون قد تبادلنا المعرفة وطرحناها على المتلقي بشكل ثقافي محض

المواضيع الأخيرة

» السلفية الجهادية ومشروعها الجهادي
فقه البيئة في الإسلام Emptyالسبت 20 أغسطس 2011, 00:29 من طرف samba

» معنى الصلاه على النبى صلى الله عليه وسلم؟
فقه البيئة في الإسلام Emptyالسبت 20 أغسطس 2011, 00:24 من طرف samba

» *** إلى أي مدى يمكن للمجتمع أن يحدد حرية الفرد ؟؟؟
فقه البيئة في الإسلام Emptyالخميس 18 أغسطس 2011, 18:52 من طرف samba

» علاقة اللغة بالفكر
فقه البيئة في الإسلام Emptyالخميس 18 أغسطس 2011, 18:50 من طرف samba

» المشكل الأخلاقي:
فقه البيئة في الإسلام Emptyالخميس 18 أغسطس 2011, 18:34 من طرف samba

» مدخل إلى فقه الأقليات
فقه البيئة في الإسلام Emptyالخميس 18 أغسطس 2011, 17:14 من طرف samba

» لماذا لا يتحد العرب؟
فقه البيئة في الإسلام Emptyالخميس 18 أغسطس 2011, 17:06 من طرف samba

»  أولاد أبي السباع
فقه البيئة في الإسلام Emptyالإثنين 21 فبراير 2011, 15:24 من طرف samba

» نكة منوعه
فقه البيئة في الإسلام Emptyالأربعاء 16 فبراير 2011, 21:27 من طرف samba

التبادل الاعلاني

التبادل الاعلاني


    فقه البيئة في الإسلام

    samba
    samba
    Admin


    عدد المساهمات : 75
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 07/02/2011
    العمر : 39
    الموقع : abddayem.yoo7.com

    فقه البيئة في الإسلام Empty فقه البيئة في الإسلام

    مُساهمة من طرف samba الجمعة 11 فبراير 2011, 20:01

    يهدف هذا البحث الى بلورة تصور لفقه بيئة اسلامي وفق معارف الوحي والتراث الإسلامي الذي يحمل في طياته التجربة الإسلامية والتطبيق العملي للآيات والأحاديث ومن ثم الآثار التي تدفع بالمسلم إلى علاقة إيجابية فاعلة مع البيئة.

    وينظر البحث أيضا في طبيعة العلاقة بين وظيفة الإنسان الأساسية، وهي العبودية لله، والإيمان من جهة، والبيئة من جهة أخرى. كما سيبحث في الأدوار التي تلعبها البيئة عدا كونها "الموطن" الذي يدور الإنسان ويتنعم فيه.

    ثم يستعرض البحث التصور الإسلامي لحماية مكونات البيئة، مبوبا لكل مكون على حدة، ويخلص إلى طرح جديد في باب مقاصد الشريعة فيما يتعلق بالبيئة.

    الإطار المعرفي:

    إن هذا البحث، كغيره من المواضيع التي تخص أو تنطلق من أسس إسلامية يعتمد على مسلمات معرفية مستمدة من الوحي بشقيه القرآني والحديثي، أو من المصادر المبنية عليهما، كالإجماع والقياس.وفيما يلي سنذكر بعض الآيات التي تحدد المرجعية المعرفية للقرآن، وبالتالي كل ما ينبني عليه. فعلى سبيل المثال نجد في أوائل سورة البقرة تأكيدا على كون القرآن مصدرا للهداية، قال تعالى : (الم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) البقرة: 1-2

    وهنا نذكر بأن الذين يقفون في القراءة على "فيه" بدلا من "ريب"، عن علم للفرق بين الوقفين، يدركون المعنى المعرفي الشمولي لكتاب الله عز وجل، إذ لو وقف القارىء عند منتهى "ريب" لأمكن حمل "فيه هدى للمتقين" على التبعيض!

    وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى يبين اشتمال القرآن على أسس المعارف والنظر وقواعد السلوك كلها، حيث يقول: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) الأنعام:38 وبالإضافة إلى ذلك، فان إعلان رب العالمين اكتمال الإسلام دينا ومنهاج حياه، يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن كل جانب من جوانب الحياه لابد أن له مكانه ضمن التصور الإسلامي القائم على كمال هذا الدين، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) المائدة :3 وبناء على ما سبق، فلا يستغرب أن نقوم بعملية تأصيل لفقه البيئة من داخل هذا الإطار المعرفي الغني بالقواعد العامة والأمثلة التي يمكن أن يستنبط منها ويقعد للقضايا البيئية المعروفة. ومن هنا فإن القول بنظرة إسلامية للكون والإنسان والحياة، يدعو إلى التقعيد لفقه بيئة ضمن هذه النظرة وليس بمعزل عنها. "فقه بيئة" لا "فلسفة بيئة": إن انتقاء مصطلح "فقه" وترجيحه على استخدام كلمة "فلسفة" في هذا البحث يعود إلى عدة عوامل أولها أصالة الأول نسبة إلى معارف الوحي، وكون الأخيرة تنبع من منظومة ثقافية غريبة، وإن شاع استخدامها. والعامل الثاني هو ارتباط مصطلح الفقه في وعي المسلم وتركيبته النفسية بأنه بصدد دائرة من المعرفة فيها حلال وحرام، وبالتالي فهو بصدد معرفة تدفع باتجاه ضبط السلوك سلبا وإيجابا.ومما لا شك فيه، أن هذا أفضل من اختيار كلمة " فلسفة" في هذا السياق بالذات لأنها توحي إلى حد كبير - في التراث الشعبي ووعي المسلمين والذاكرة الجمعية التي من مركباتها "تهافت الفلاسفة" للغزالي- أننا بصدد إطار معرفي "ما ورائي"، وبالتالي لا يرتبط بدائرة الفعل! دوائر العلاقة بين الإنسان والبيئة: (الإستخلاف والتسخير والإعمار) 1) الإستخلاف: إن نظرة الإسلام للإنسان والكون والحياة، والتي تنبثق من معارف الوحي، تبين أن الإنسان مستخلف في الأرض من قبل أن يطأها، وذلك في قوله تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون) البقرة: 30 وهذه الخلافة في الأرض يترتب عليها مسؤولية جسيمة، فهي امتحان يتبعه حساب، ومن ثم ثواب أو عقاب. وقد وردت هذه المعاني في القرآن والسنة، فالإبتلاء المرتبط بالخلافة في الأرض نجده في قوله عز وجلSadوهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم. إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم) الأنعام:165، وكذلك نجد أن هذه الخلافة تخضع، بالإضافة للمعاني السابقة، للمراقبة: (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) يونس:14 كما تتكرر هذه المعاني في قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون..." وقد قال الإمام النووي في شرحه لمعنى (مستخلفكم فيها) في هذا الحديث، أي "جاعلكم خلفاء من بعد القرون الذين قبلكم، فينظر هل تعملون بطاعته، أم بمعصيته وشهواتكم". ومن الواضح، بناء على ما تقدم، أن التصور الإسلامي يدل على أن الخلافة في الأرض تتضمن امتحانا فيما استخلف الإنسان فيه، وإذا ما سيتعامل مع هذه البيئة بحسب التوجيه الرباني، أم سيحيد عن الطريق و "يفسد في الأرض"، وبالتالي تؤول الخلافة إلى قوم أو جيل جديد. إن إحلال قوم بدل قوم آخرين يظهر جليا في الآيتين التاليتين: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) الأعراف: 69 (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض) الأعراف: 74 وإذا ما أضفنا إلى إعلام رب العالمين للملائكة باستخلاف الإنسان، أنه سبحانه وتعالى ذكر تعليمه لآدم: (وعلم آدم الأسماء كلها …) البقرة:31، تبين لنا أن العلم هنا حجة على الإنسان، فقد استخلفه الله جل شأنه وبين له وظائف الأشياء، وكما قال إبن كثير في تفسير هذه الآية : "الصحيح انه علمه أسماء الأشياء كلها ذراتها وصفاتها وأفعالها". فتكون الخلافة في الأرض، بناء على ما تقدم من الآيات والأحاديث، عن علم وتصور، فيقع على كاهل الإنسان بموجبها العناية بمحيطه والرفق بالبيئة التي يدور في رحابها.

    2) التسخير:

    أما تسخير الأشياء لخدمة الإنسان فدائرته واسعة، وهي تتضمن بداخلها دائرة أصغر هي دائرة البيئة، ونكتفي بذكر ثلاث آيات للدلالة على ما ذكرناه: (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الجاثية: 13 (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة …) لقمان:20. (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) النحل:12 وقد بينت بعض الآيات الأخرى طبيعة التسخير المؤقتة، في إشارة إلى البعد الأخروي: (... وسخر الشمس والقمر، كل يجري لأجل مسمى…) الرعد:2، لقمان: 29 وأما تسخير البيئة على وجه الخصوص، فبالإضافة إلى كونها داخلة في الدائرة الأوسع للتسخير، هنالك آيات يزخر القرآن بها تدل على تسخير عناصر من البيئة: (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) النحل:14 (الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء مآء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار) إبراهيم:33 (لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) الزخرف: 13 (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب) ص: 36 (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير، فاذكروا اسم الله عليها صواف، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر. كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) الحج:36 إن كل ما سبق من الآيات يدل على تسخير السماوات والأرض، والبحار والأنهار، والرياح والدواب والأنعام من أجل الإنسان ، فيما يعد دعامة للإستخلاف، ورافد يعينه ويقويه على أداء وظيفته الأساس، وهي العبودية لله كما سنبين لاحقا.

    3) الإعمار:

    إن ثالث دائرة من دوائر العلاقة مع البيئة تتعلق بإعمار الأرض. قال تعالىSad...هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها …) هود:61 وهذه الآية تشكل تذكيرا بفضل الله على الإنسان ومن ثم طلب الله -عز وجل- منه أن يقوم بعمارة الأرض، فالسين والتاء في اللغة العربية تفيدان الطلب. وهذا التذكير جاء في خطاب صالح عليه السلام لثمود يطالبهم بعبادة الله وحده وهو مطلب جميع الأنبياء والمرسلين، وهذا سياق لطيف ربط بين توحيد الألوهية والربوبية وعمارة الأرض: (وإلى ثمود أخاهم صالحا. قال: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إن ربي قريب مجيب) هود: 61 وفي معرض تفسيره لهذه الآية، قام سيد قطب -رحمه الله- بالربط بين الإستخلاف والاستعمار حيث قال: "وذكرهم صالح بنشأتهم من الأرض، نشأة أفرادهم من غذاء الأرض أو من عناصرها التي تتألف منها عناصر تكوينهم الجسدي. ومع أنهم من هذه الأرض، ومن عناصرها، فقد استخلفهم الله فيها ليعمروها. إستخلفهم بجنسهم واستخلفهم بأشخاصهم بعد الذاهبين من قبلهم". إن هذا البحث يتحدث عن تسخير الكون للإنسان، ولكن يظل الموطن هو الأرض، والعمارة المقصودة هي لها. ولعل في نشأة الإنسان من الأرض، وطلب رب العالمين منه أن يقوم بعمارتها، رد على شطحات بعض علماء ومفكري العصر، من خارج التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة، حيث يتصورون انتقال الإنسان إلى كواكب أخرى للحياة هناك، حينما تصبح الحياة على الأرض مستحيلة، إن هذا التصور سيبقى رهين الخيال "العلمي"! يجب ألا نفهم ارتباط العمارة بالكرة الأرضية على أنه مانع لدراسة واستكشاف الكون، أو أنه ضد عمل وكالات الفضاء وإرسالها بشرا إلى الفضاء الخارجي، على ألا يصب هذا العمل ضمن برامج حرب النجوم، وألا يكون التمويل نتيجة إهمال أو إفقار أي شريحة مجتمعية في الدولة المعنية، أو أن يكون نتيجة استغلال دول الجنوب بتوريطها بسياسات مالية وقروض لا تستطيع سدادها! ويبين القرآن الكريم أن عمارة الأرض في حد ذاتها، وبمعزل عن المنهاج الرباني ورفضه، سيؤدي لا محالة إلى الهلاك: (أولم يسيروا في الأرض فينظروا عاقبة الذين من قبلهم، كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات، فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) الروم: 9 وعمارة الأرض تكون بما ينفع الناس وليس بما يضرهم، وبما لا يؤثر سلبا في البيئة. ومما لاشك فيه أن ارتباط الإنسان بالمذاهب الهدامة سيؤدي إلى دمار البيئة شيئا فشيئا. فالنظام الرأسمالي يدفع الإنسان إلى صناعات لا يمكن أن تعد مما ينفع الناس، كصناعة التبغ على سبيل المثال لا الحصر. والدافع الوحيد خلفها هو الربح، حتى لو أدى ذلك إلى تلويث الهواء، ومرض المدخنين، وتضييع أوقاتهم وأوقات الذين يعملون في صناعة التبغ خلف الآلات وفي التوزيع والإدارة … الخ. ولا ننسى أن ذهاب الصحة ينذر بضياع الساعات الطويلة التي تذهب هدرا في التطبب والعلاج، وفي الحالات التي يؤدي فيها التدخين إلى مرض سرطان الرئة، ضاعت السنوات بدلا من الساعات، وفي حين يتألم المريض طويلا يغتم أهله مدة أطول، أي بعد فراقه! وتؤدي صناعة التبغ إلى سوء استخدام الأرض، فبدلا من إنتاج الطعام تنتج السموم وكما قال د. يوسف القرضاوي: "أما التدخين فهو ضار صحيا ونفسيا واقتصاديا، فأولى الأحكام به التحريم، كما قال تعالى في وصف رسوله في كتب الأقدمين: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) الأعراف:157، والفطرة والعقل والتجربة تؤكد أن هذا (التبغ) أو (الدخان) ليس من الطيبات بحال". دور الإنسان (العبودية) والبيئة: إن الدور الأساس للإنسان في هذه الحياة هو العبودية لله سبحانه وتعالى، فقد بين القرآن الكريم هذا الدور، قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات:56 ومفهوم العبودية هنا شامل لكل جوانب الحياة، فكما أن أداء ما افترضه الله علينا من صلاة وصيام وزكاة وحج يدل على العبودية، فإن كل ما يمكن أن يفعله الإنسان ضمن التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة هو أيضا يدل على، وينسجم مع، مفهوم العبودية، ما دام خالصا لله علا وجل. إن هذه الأفكار تنبع من عدم وجود فصل في الإسلام بين الدين والدنيا، فالدنيا مزرعة الآخرة، وكأنما هنالك امتداد ينفي الثنائية والإنفصام ما بين الدارين. ومن هنا، فإن الرفق بالبيئة وعدم تلويث أو إفساد أي جزء منها، حينما يكون لله، فإن ذلك مما لاشك فيه باب من أبواب الأجر، ويتفق تماما مع الإسلام نصا وروحا. إن موقف الإسلام وسط بين التفريط بالبيئة من حيث الإهمال أو التخريب، والإفراط في احترام البيئة إلى درجة تقديس ما فيها وعبادتها أو عبادة بعضها كما هو حاصل عند بعض بني آدم. كما أن الإفراط أدى إلى التطرف في الدعوة إلى الحفاظ على البيئة حيث بات يدافع عنها بصورة تؤدي إلى تعريض حياة الإنسان للخطر. إن الإسلام يدعو إلى الحفاظ على البيئة من باب الإمتثال لأمر الله -عز وجل-، وقد تواترت الآيات والأحاديث التي تطلب من الإنسان حماية البيئة، وإن لم يكن ذلك بالإسم، كما سنبين ذلك في الجزء المتعلق بفروع البيئة.

    البيئة محل آيات الله عز وجل:

    لقد نبه الله سبحانه وتعالى الإنسان إلى أن البيئة مليئة بالآيات الدالة عليه. فكما أن هنالك آيات في الكتاب المسطور، هنالك آيات في الكتاب المنظور: (إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين، وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون، واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون) الجاثية: 3-5 ومن هنا فإن حماية البيئة هي حماية لآيات الله عز وجل، وتدمير البيئة هو تدمير لها. ففي كل مرة يؤدي سلوك الإنسان، أو ما ينتج عنه (التلوث على سبيل المثال)، إلى انقراض نبات أو حيوان، فإنما يعني ذلك انقراض آية دالة على عظمة الله سبحانه وتعالى. ولذلك نجد أن ابن المدينة الصناعية الكبيرة، ذات الأبنية الشاهقة، يعيش في معزل عن هذه الآيات، فناطحات السحاب غيرت الأفق فحجبت الشروق والغروب، وتلوث الهواء فيها يحجب رؤية الآيات الكونية من نجوم وكواكب، والتماثيل الخرسانية حلت محل الآيات الربانية، فأصبح لا يحس ولا يدرك معنى قول الله عز وجل: (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا) يس:33 وكذلك فإن كل ما في هذه البيئة يشارك في ذكر الله وتسبيحه: (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن. وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم. إنه كان حليما غفورا) الإسراء:44 وهنالك آيات عديدة شاهدة على تسبيح بعض مخلوقات الله عز وجل، منها: (ويسبح الرعد بحمده …) الرعد: 13 (والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه …) النور:41 (وسخرنا مع داود الجبال يسبحن …) الأنبياء:79 وكما قلنا أن تدمير أي من مخلوقات الله عز وجل هو تدمير لآية دالة عليه، فكذلك أيضا هو تدمير لآية تسبحه. وعليه، فإن على الذين يقومون على التخطيط البيئي أخذ هاتين الدلالتين بعين الإعتبار. ولعل أرباب القلوب يستحضرون على الدوام دلالة المخلوق على الخالق، فقد وجدت كلاما لطيفا في هذا الباب لسعيد النورسي رحمه الله، يدل على الشفافية والحس المرهف حيث قال: "إن للصانع جل جلاله على كل مصنوع من مصنوعاته سكة خاصة بمن هو خالق كل شيء. وعلى كل مخلوق من مخلوقاته خاتم خاص بمن هو صانع كل شيء. وعلى كل منشور من مكتوبات قدرته طرة غراء لا تقلد خاص بسلطان الأزل والأبد" وبالإضافة لدلالة المخلوق على الخالق وتسبيحه، فإن هنالك دائرة تسع كل مخلوق في السموات والأرض، يسجد لله عز وجل، بصورة أو بأخرى: (ولله يسجد ما في السموات والأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون) النحل: 49 وهكذا نجد أن البيئة تعج بمن يسبح الله ويسجد له ويدل عليه في إنسجام لا يعكر صفوه إلا حركة الإنسان التي تشذ عن هذا النهج، إلا من وفق للذكر وللتسبيح، فيكون حاله موافقا لحال البيئة الذاكرة.

    أثر الإيمان على البيئة:

    لقد كفل الله جل وعلا رزق البشر ولم يطالبهم إلاّ بتوحيده وإفراده بالعبودية: (الذي جعل لكم الأرض فراشا والسمآء بناء وأنزل من السمآء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وانتم تعلمون) البقرة:22 فالمطلوب إذا عبادة الله سبحانه وتعالى، فإذا ما فعل الإنسان ذلك وأناب إلى الله فإن الخير سيزداد، وقد ربطت آيات القرآن الكريم بين حسن عبادة المرء والإنابة إلى الله، وبين التغيير الإيجابي في البيئة وذلك في قوله تعالى: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا) هود: 52 وكذلك فإن الثبات على الطريق القويم مجلبة للخير: (وألَّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) الجن: 16 وعكس الإيمان، وهو الكفر والجحود، سيؤدي لا محالة إلى معيشة ضنكا: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) طه: 124 ومما لاشك فيه أن سلوك الناس السلبي، ماديا وروحيا، يؤدي إلى الكوارث الطبيعية: (ويرسل الصواعق ويصيب بها من يشاء) الرعد: 13 (فيرسل عليكم قاصفا من الريح) الإسراء:69 (كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته) آل عمران: 117 (أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا) الإسراء: 68 ففي هذه الآيات السابقة دليل قاطع على إرتباط الأعاصير والزلازل بابتعادهم عن الله عز وجل وأنها مرتبطة بمشيئته. وهنالك نوع آخر من الكوارث ارتبط بكفر الإنسان، ألا وهو الفيضانات. ففي قصة نوح عليه السلام ربط واضح بين الطوفان والكفر: (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين إثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن. وما آمن معه إلا قليل) هود: 40 وفي المثل الذي ضربه الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف عن الرجلين صاحبي الجنتين عبرة! فبستاناهما كانا مثمرين، ولكن سوء خلق أحدهما وتكبره، وعدم ربط صلاح بستانه بمشيئة الله، أدى إلى هلاك ثمره: (وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا) الكهف:42 وكذلك في قصة أصحاب الجنة في سورة القلم، فقد أدى جشعهم وعدم استثنائهم إلى دمار جنتهم، فقد (أصبحت كالصريم) وعرفوا أن العقوبة التي حلت بهم هي من جراء ما عملته أيديهم و(قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين ) القلم: 31 وكقاعدة عامة هناك ارتباط بين عمل الناس السيئ والمصائب بكافة أشكالها : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيدي الناس) الشورى:30 وأيضا فإن اقتراف الإثم يؤدي إلى ظهور الفساد: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) الروم: 41 والفساد هنا إسم جامع للفساد المعنوي والمادي الذي يؤدي إلى دمار البيئة وخرابها. ولكن الحمد لله الذي لم يعجل العذاب دائما، ولو كانت العقوبة مباشرة لما ظلت هنالك حياة على وجه البسيطة: (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا لما ترك على ظهرها من دابة) فاطر: 45 وفي سورة النحل شاهد آخر على مجريات الأمور: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) النحل:112 فعدم شكر الله على أنعمه أدى إلى ذهابها، فالجوع هنا دليل على أن امرا ربانيا أوقف عمل المنظومة البيئية بسبب كفر الناس وكان يمكن لهذا الموقف أن يكون معكوسا لو أنهم شكروا الله فيزدادوا من الخير (ولئن شكرتم لأزيدنكم) إبراهيم:7 وهذه الآية دليل على أن السلوك الإيجابي المنسجم مع التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة يؤدي إلى زيادة تفعيل عطاء البيئة بأمر رب العالمين. وهنا أجدني أتحدث عن التفسير العلمي للظواهر الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل والبراكين، فالدراسات التي تحاول أن تتنبأ بحدوث الظاهرة أو ترصدها عن طريق الأجهزة، عن طريق شبكة محطات لرصد الزلازل مثلا، للتوصل إلى إمكانية إنذار الناس قبل وصول الأثر المدمر لزلزال عنيف، ولو لثوان قليلة، وتخفيف الخسائر البشرية، مطلوبة جدا. ولكن في نفس الوقت، فإن هذا التفسير العلمي يظل محدودا! إن السؤال في حالة الزلزال هو: لم تحدث هذه الظاهرة؟ فهل الإجابة التي تقول بأنه يحدث نتيجة حركة الصفائح التكتونية وتحريرها لطاقة حركية هائلة إجابة كافية؟ هنا يبدو أن العلم الذي أخرج الدين من المعادلة لا يستطيع أن يقدم إجابة شافية؟

    ويجب الإقرار في نفس السياق أن هنالك ظواهر طبيعية تتبع السنن الكونية، وهذه القوانين هي من خلق الله، وليست مرتبطة عضويا بالسلوك البشري، ويظل السؤال: كيف نفرق بين الحالتين؟ وهل يمكن أن يتوافق وجود ظاهرة طبيعية مدمرة مع سلوك إجتماعي لا أخلاقي، دون أن ينتج الأول عن الثاني؟

    حماية الإسلام للبيئة:

    فيما يلي نستعرض مواقف الإسلام من مكونات البيئة التي تتكون من الإنسان والحيوان والنبات والأرض والماء والهواء. الإنسان:

    على الرغم من إختلاف وجهات النظر حول إدخال الإنسان في إطار البيئة، فإن هذا البحث يعتبره منها، ولو كانت باقي أجزاء البيئة مسخرة له، ومكانته أعلى منها، فقد دعى الإسلام إلى حماية الإنسان وما يتعلق به، وتتجلى هذه الدعوة في مقاصد الشريعة والتي حصرها معظم العلماء حتى الآن في خمس هي: حفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال.

    وقد بين الإسلام حرمة الإنسان، وأن من قتل نفسا بغير وجه حق عامدا متعمدا فكأنما قتل الناس جميعا: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا …) المائدة:32 والأحكام الشرعية في الإسلام تراعي حرمة الإنسان حتى القاتل، فهو وإن كان حكمه القتل، إلا أن القرآن يرغب ويحث على عدم سفك الدم عن طريق فسح المجال أمام ولي الدم أن يتنازل عن حكم القتل، وأن يأخذ الدية، وهنالك من يعفو ولا يأخذ شيئا: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل) الإسراء:33 وفي دائرة النهي عن قتل الإنسان يدخل فيها النهي عن قتل النفس (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) البقرة: 195، ويدخل فيها حرمة إجهاض الجنين لأنه إزهاق لروح إلا إذا ترتب على استمرار الحمل تحقق ضرر يهدد حياة الأم، وهو إبقاء على الأصل الموجود المتحقق في مقابل الفرع والذي وإن كانت حياته محترمة، إلا أنه لا زال بصورة معينة "في الإمكان" ! ولهذا فإن الحوادث التي تؤدي إلى موت الجنين بسبب الجناية على أمه عمدا، أو خطأ ففيه غره أو دية. ولعل في الحروب مكمن خطر على حياة الإنسان، ولهذا فالسلام في الإسلام هو القاعدة، والحرب هي الإستثناء، وهي للضرورة القصوى دفاعا عن المسلمين أو الدعوة، وتكون بعد استنفاذ كافة السبل الدبلوماسية، ووسائل الضغط السياسي، والمقاطعة الإقتصادية، والمقاومة اللاعنفية، فإذا لم يكن من الحرب بد، فلا بد إذا من آدابها : (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) البقرة:190 وفي وصايا أبي بكر الصديق ليزيد بن أبي سفيان، حينما بعث جيوشا إلى الشام خلاصة الأدب الإسلامي في الحرب: "… وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة، ولا بعيرا إلا لمأكله، ولا تغرقن نخلا، ولا تحرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن" فهذه الوصايا، تدل على أن من لا علاقة له بالحرب، فليس للمسلمين أن يؤذوه سواء كان إنسانا أو حيوانا أو نباتا. وبناء على هذا، فإن أسلحة الدمار الشامل كما تسمى اليوم ، ويدخل فيها الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية، تتنافى مع التصور الإسلامي، فالإسلام لا يبيح الدمار الشامل لمخلوقات الله عز وجل. ولعل أقصى ما يمكن السماح به هو وجود قوة تردع أعداء المسلمين من الإعتداء عليهم. وهنا أجدني أختلف مع فضيلة د. القرضاوي، أمد الله في عمره، حيث ذكر في كتاب له أن الدين لا يتدخل في أنواع الأسلحة حيث قال "أما نوع الأسلحة التي تستعمل في القتال، وطريقة صنعها، وكيفية التدريب عليها، وما شابه ذلك، فليس في شأن الدين، إنما هو من شأن وزارة الدفاع وقيادة القوات المسلحة" فما من أحد إلا وينكر على أمريكا إستخدامها القنابل الذرية ضد اليابان، في الحرب العالمية الثانية، وازدياد الوعي البيئي عند شعوب الأرض جعلهم يدينون إجراء فرنسا التجارب النووية تحت مياه المحيط الهادي جنوب شرق آسيا (الجزُر البولينسية الفرنسية). وأصبح استخدام الأسلحة المحرمة دوليا، كالنابالم ورصاص الدمدم، يثير سخط واستياء الناس في كل مكان. وحقيقة، إن الرصاصة التي تقتل طفلا واحدا هي سلاح دمار شامل، فهي تقتل فيه الحياة وإمكانية أن يكبر ويتزوج وينجب أطفالا آخرين يكبرون بدورهم وهكذا دواليك. والأصل في حل مشكلة سباق التسلح النووي، هو تخليص البشرية منها، وبالطبع من غيرها، ولا يستثنى من ذلك أي دولة، حتى أمريكا نفسها. قد يبدو هذا الكلام غريبا في ظل ضياع حقوق المسلمين وانكشافهم الصارخ لأعدائهم، وتداعي الأمم عليهم، ووقوع أكثر من جزء عزيز من أوطاننا تحت وطأة الإحتلال، ولكن لا بد من التذكير بالآية القرآنية: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا، إعدلوا هو أقرب للتقوى) المائدة: 8، وإن الغلبة للحق، ولو بعد حين. إن كثيرا من حوادث الصراع في العالم، والتي تؤدي إلى انتهاك حرمة الإنسان، مردها إلى الأفكار اللإنسانية مثل التفوق العرقي لجنس معين، أو التفوق "الإثني"، أو أي استعلاء لا يقبل بالآخر ويسمح بالتعرض له أو احتلال أرضه أو القيام بتطهير المجتمع منه عرقيا أو إثنيا بسبب عدم الإقرار بمساواته في الإنسانيه. إن هذه الافكار تقع ضمن ما يسمى بالداروينيه الإجتماعية والتي قالت ببقاء الافضل من بين بني البشر، وبررت القضاء على الغير واعتبرته مسألة طبيعية، تماما كما يحدث في الطبيعة. إن المبادىء الإسلامية لا تسمح بمثل هذه المفاضلة على صعيد الفكرة، ناهيك عن إخراجها إلى حيز التنفيذ. إن الإسلام يرى في اختلاف ألوان البشر، وبالتالي أشكالهم وصفاتهم الجسمية، آيات تدل على الخالق سبحانه: (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم. إن في ذلك لآيات للعالمين) الروم: 22 وإختلاف ألوان الناس في هذا الباب كإختلاف ألوان الجمادات والنباتات والحيوانات، كلها تشير إلى الباريء عز وجل: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها، ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود. ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك، إنما يخشى الله من عباده العلماء، إن الله عزيز غفور) فاطر: 27 - 28 إن اختلاف ألوان الورود والرياحين لا يدفع الإنسان للقضاء على تلك التي لها ألوان معينة، بل يحث على النظر والتفكر في عظمة الخالق وتسبيحه، وكذلك فإن الذي يقدّر نعم الله يحافظ عليها. وهنا ندرك معنى التفاضل بالتقوى وقيمة السياق الذي ورد فيه (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير) الحجرات: 13 فالخطاب موجه إلى كافة الناس وليس للمسلمين فحسب، والسياق يذكر الإنسان بأصله وأن الناس لآدم، وأن الله سبحانه وتعالى يريد لنا أن نعرف بعضنا بعضا، وأن تكريم رب العالمين للإنسان مقياسه التقوى. وأنموذج "لتعارفوا" في العلاقات بين الشعوب والحضارات يدعو إلى الحوار والتبادل الثقافي والإنتفاع بما هو خير عند الجميع، وهذا الأنموذج هو ضد أطروحة صامويل هانتنجتون حول صراع الحضارات. والأنموذج الإسلامي حول حوار الحضارات أنفع للبشرية، وأحفظ للبيئة إذ يبقيها بعيدا عن داشرة الصراع. فهذا النمط من التوجيه الرباني وتربية الناس عليه يؤتي ثماره في عدم التحيز ضد "الأعراق" الأخرى وبالتالي يمنع من الدخول في صراع بناء على تصور مغلوط بتفوق شعب على آخر. وهنالك عامل آخر يؤدي إلى تقتيل الناس يعتمد على اختلاف الدين، فبعض الشعوب تسمح لنفسها أن تقتل الغير لأن دينه يختلف عنهم، فإذا لم تقتله تستغله وتنتهك حرماته، وهذا ينبع إما من وجود فكرة تفوق مطلقه لأصحاب دين ينظرون من خلالها إلى أتباع باقي الديانات نظرة استعلاء تسمح لهم بالاستغلال، أو ينبع من عدم وجود مكان للغير في ثقافة شعب تمنع إندماج الآخر بصورة كاملة وعلى قدم المساواة، وعلى نفس الدرجة من المواطنة. لقد أوجد الإسلام مكانة محفوظة لغير المسلمين من أهل الكتاب وغيرهم، وحض على حسن معاملة غير المسلم إذا لم يكن حربيا: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين) الممتحنة:8 ومن هذا المنطلق ينفرد الإسلام بموقفه تجاه الغير وبحفظه لحياة وكرامة الإنسان. وإذا ما تطرقنا إلى مواقف الإسلام الأخرى التي تحافظ على حياة الإنسان مثل حرمة إضرار الإنسان بنفسه (ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة) البقرة :195، سواء بتعاطي المخدرات أو الكحول أو بأداء أي نشاط يخالف الفطرة السليمة كالشذوذ الجنسي وعلاقات الزنا، نجد أن صورة الإسلام تتكامل في حماية الإنسانية وتنفرد بها. فإننا نجد اليوم بعض الكنائس المسيحية البروتستانتية والكنس اليهودية الإصلاحية في الغرب، وفي أمريكا على وجه الخصوص، لا تتورع عن تزويج الذكران بعضهم من بعض، والنساء بعضهن من بعض. إن هذا الوضع من الإنحلال، يضاف إليه صورة الأسرة الجديدة الآتية من الغرب، والحث على الحريات الشخصية في هذا الباب، يدل على خطر عظيم يهدد الإنسانية. فإقرار الشذوذ يوقف التناسل من جهة، ويؤدي إلى هلاك الناس بمرض فقدان المناعة المكتسبة، وإن كان ينتشر أيضا من خلال أنشطة أخرى أيضا غير النشاط الجنسي الشاذ وعلاقات الزنا، مثل الإستخدام المشترك للإبر (وهي ملوث بيئي) في تعاطي المخدرات. لقد خلصت إلى نتيجة هي أنه على الرغم من وجود بعض المواقف الشجاعة ضد هذا الإنحلال من أطر غير إسلامية أقول إنني خلصت إلى أنه لم يبق للبشرية صمام أمان إلا الإسلام. الحيوان : لقد حرص الإسلام على العلاقة السليمة مع الحيوان فخص المسلم على حسن معاملته ولم يجز قتله إلا لأكله ولهذا شروط وآداب، وأجاز في دائرة ضيقة قتل بعض الحيوان للضرر الذي قد يترتب على إبقائه حيا. ففي دائرة ما يذبح للأكل، حث الشارع على استخدام أداة حادة حتى لا تتعذب الذبيحة، فعن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتله، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" بل ذهب الإسلام إلى أبعد من هذا، حيث ضرب مثالا رائعا في رعاية نفسية الحيوان حين أمر بإخفاء آلة الذبح عن الحيوان، فقد روى الإمام أحمد عن عمر أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أمر أن تحد الشفار وأن توارى عن البهائم. وفي هذا المعنى عن ابن عباس أن رجلا أضجع شاة، وهو يحد شفرته، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): " أتريد أن تميتها موتتين؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها؟" وحماية الإسلام للحيوان تتعدى إلى صيد، فهو وإن كان في الأصل مباح، قد يصل إلى درجة التحريم بإعتبار الظرف المحيط به. قال إبن تيمية: "والصيد لحاجة جائز وأما الصيد الذي ليس فيه إلا اللهو واللعب فمكروه وإن كان فيه ظلم للناس بالعدوان على زرعهم وأموالهم فحرام" فيجب على الإنسان أن يتحمل المسؤولية وأن يراعي في قضية الصيد الحاجة، وأدوات الصيد والمواسم التي يصطاد فيها! فالحاجة أن لا يجد ما يقتات به أو مالا يشتري به. وأدوات الصيد يجب أن تخلو مما يسبب إيلاما للحيوان لفترة طويلة مثل الفخاخ، التي حينما تطبق على رجل الحيوان تكسرها وتغرس أطرافها الحادة في عضلات الرجل، فيظل الحيوان يتعذب وكلما حاول سحب رجله ينزف وقد تمضي أيام قبل أن يعود "الصياد" إلى المكان الذي نصب فيه الفخ! أما المواسم فيراعي فيها عدم الصيد خلال فترات التكاثر والتفريخ فإذا اصطيدت الأم ماتت صغارها من عدم الرعاية، وأما إذا أخذت الصغار أثر ذلك على على استمرارية هذا النوع وفي كثير من الأحيان بما لا يسمن ولا يغني من جوع. فعن إبن مسعود قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فانطلق لحاجة، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: "من فجع هذه بولديها؟ ردوا ولديها إليها". ولا يستهين الإنسان بصغر ما يقتل. فعن عبدالله بن عمرو، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها - بغير حقها - إلا يسأله الله عنها يوم القيامة" قيل: يا رسول الله! وما حقها؟ قال: حقها أن تذبحها فتأكلها، ولا تقطع رأسها فترمي به" وفي حديث الشريد رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "من قتل عصفورا عبثا، عج إلى الله يوم القيامة، يقول: يارب! إن فلانا قتلني عبثا، ولم يقتلني منفعة" وفي معرض التعليق على هذين الحديثين، وماذا يمكن أن نأخذ منهما، يذكر د. القرضاوي: "إن الفقيه يأخذ منهما تحريم قتل الحيوان لغير الأكل، وهكذا أدخل الإمام المنذري الحديثين في كتابه (الترغيب والترهيب)، في باب الترهيب من المثلة بالحيوان، ومن قتله لغير الأكل. وجماعة الرفق بالحيوان تأخذ منهما: وجوب احترام هذه المخلوقات الحية، والحرص على حياتها، وعدم المساس بها إلا لحاجة. وعلماء البيئة يرون في الحديثين: ضرورة المحافظة على مكونات البيئة، ومنع العبث بها، وتعريضها للفناء، والانقراض، من غير ضرورة ولا حاجة موجبة. أما عالم (الإقتصاد) فيرى تنبيها واضحّا في الحديث على وجوب المحافظة على موارد الثروة بكل مفرداتها وأنواعها، وعدم تبديدها باللهو والعبث - أي لغير منفعة أقتصادية - فالحيوان الصالح للأكل إذا قتل ولم يؤكل فمعناه ضياع جزء - وإن قل - من الثروة القومية في غير مصلحة معتبرة. وأما عالِم (الأخلاق) فيرى فيه شمول الأخلاق الإسلامية، واتساع دائرة المسئولية فيها، وأنها لا تقف عند الإنسان فقط، بل تشمل كل كائن حي، من الحيوان والطير وغيره، بل في أحاديث أخرى ما يشمل الجمادات أيضا. ومثله عالم (التربية) فالتربية الإسلامية أوسع أفقًا، وأبعد مدّى، من مجرد التربية الدينية، التي تقتصر في أذهان الكثيرين على غرس العقائد، وتعليم الشعائر، إنها تربية تتعلق بكل نواحي النشاط التي يمارسها الإنسان في الحياة: روحية ومادية، دينية ودنيوية، فردية واجتماعية، نظرية وعملية. وأما عن صيد الحيوان الذي لا يؤكل لحمه مثل السباع، وذلك من أجل فرائها على سبيل المثال، فقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن إفتراش جلود النمور، فعن معاوية رضي الله عنه أنه قال:" لا تركبوا الخز ولا النمار". ولا يخفى أن ركوب الخز (الحرير) فيه إسراف ومضيعة وهكذا ركوب جلود النمور والسباع. فهذا الحديث أصل في حماية هذا النوع من الحيوان حيث أن النمور الأسيوية عرضة للإنقراض بسبب الإعتقاد الخاطىء بأن لأجزائها مفعول قوي كدواء، أو أن تحل قوة الحيوان في الإنسان الذي يأكله أو يأكل بعضه، وهذا من باب الخزعبلات والشعوذة المنتشرة في الثقافة الصينية. ويقاس على هذا النهي قتل الفيلة من أجل أنيابها لأن العاج يستخدم في بعض صناعات الزينة، بل كثيرا ما يصنع منه "آلهة" تعبد!؟ وأما صبر الحيوان ورميه فحرام . فعن ابن عمر، أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا، أو دجاجة _يترامونها، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا! إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لعن من إتخذ شيئا فيه الروح غرضا. وأما قتل الحيوان إفسادا، فمما لا شك فيه أنه حرام وعاقبته وخيمة فعن إبن عمر، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض" وقد ورد ضمن وصايا أبي بكر السابقة النهي عن قتل الحيوان خلال الحروب من باب العقوبة الجماعية لإيقاع الأذى بمعسكر الأعداء. والنهي عن إيذاء الحيوان يتضمن عدم الضرب والكي في الوجه فعن جابر: نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه. وإذا أمكن الاستعاضة عن الوسم بأسورة إلكترونية أو أصباغ غير سامّة فهو أفضل. وكذلك فإن دفع الحيوانات للإقتتال بقصد التمتع بمشاهدتها، يعد نوع من السادية، وقد نهى الإسلام عنه، فعن ابن عباس، قال: نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن التحريش بين البهائم. وهذا التحريش، كتحريض الديكة على قتل بعضها البعض، مما يستخدم في المراهنات وهو نوع قمار ويكفي أحدهما للتحريم فكيف بإجتماع الإثنين معا. ويقاس على هذا الإفساد ما يسمى بمصارعة الثيران، فأين الرياضة في تعذيب هذا الحيوان، وقد أدى هذا النشاط اللإنساني إلى مقتل كثير من المصارعين أنفسهم، ولولا أن هذا البحث لا يتسع لإعادة تقييم مفهوم "الرياضة" لفتحت الباب على مصراعيه. وقد اتسعت دائرة حماية الحيوان في الإسلام لتشمل النهي عن إثقال الحمل عليها، فعن سهل إبن الحنظلية ، قال: مر الرسول (صلى الله عليه وسلم) ببعير قد لصق ظهره ببطنه، فقال: "إتقوا الله في هذه البهائم المعجمة: فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة". وفي رواية إبن حبان لهذا الحديث: "إركبوها صحاحا وكلوها سمانا". وقد ساق د. يوسف القرضاوي تعليق إبن حبان على قوله (صلى الله عليه وسلم): "إركبوها صحاحا" فدل ذلك على "أن الناقة العجفاء الضعيفة يجب أن يتجنب ركوبها إلى أن تصح . وقد مر عمر ابن الخطاب بحمار عليه لبن، فوضع عنه طوبتين، فأتت سيدته لعمر فقالت: يا عمر! ما لك ولحماري! ألك عليه سلطان؟ قال: فما يقعدني في هذا الموضع؟ وهذا "الموضع" هو إمارة عمر بن الخطاب ففيها أنه مسؤول عن رعيته، وبضمنها الحيوان. وسار على الهدي النبوي من بعده عمر بن عبد العزيز، فقد ذكر إبن عبد الحكم في سيرته، أنه كتب إلى بعض عماله في مصر : بلغني أن بمصر إبلا نقالات يحمل على البعير منها ألف رطل، فإذا اتاك كتابي هذا، فلا أعرفن أنه يحمل على البعير أكثر من ستمائة رطل" ونصل في رعاية الإسلام للحيوان إلى تحريم لعن الدابة، وقد قرن النووي - رحمه الله - في رياض الصالحين بين لعن الإنسان ولعن الدابة فسمى الباب "باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة" وأورد حديثا من رواية عمران بن الحصين رضي الله عنهما قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت، فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: " خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة" قال عمران: فكأني أراها الأن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. وليس أكمل من الإسلام الذي جعل صدقة التطوع شاملة "لإغاثة الملهوف من العباد والمخلوقات التي أمرنا الله بالإحسان إليهم" وقد إعتبر إبن تيمية أن الإحسان إلى البهائم عبادة. وهذا يتفق مع قوله (صلى الله عليه وسلم) : "في كل ذات كبد رطبة أجر" وقد امتلأت كتب الفقه بالمساجلات والأحكام التي ترعى الحيوان بما يطول شرحه، وليس هذا بمستبعد على دين يقوم أحد أنبيائه ورسله بتحويل مسيرة جيش حتى لا يهدموا بيت النمل. قال تعالى: (حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نمله يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) النمل: 18 - 19 فهذا موقف بين ملك عظيم آتاه الله سعة في الرزق وجند له الجنود حتى الجن وأعطاه علما واسعا ولكن كل هذه القوى في الإمكانات والجنود والعلم لم تدفعه لأن يعتدي على مخلوقات صغيرة ضعيفة كالنمل. وهذا يتوافق مع الهدي النبوي، فعن إبن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عن قتل أربع من الدواب: "النملة والنحلة والهدهد والصُرَد".

    بل في قصة نوح عليه السلام ما يدل على الرعاية للحيوان والحرص عليه أن ينقرض، فقد أمر الله سبحانه وتعالى نوحا عليه السلام ببناء السفينة ثم، قبل الطوفان، أمره أن يجعل فيها من الحيوان ما يحفظه من الانقراض: (قلنا إحمل فيها من كل زوجين إثنين …) هود: 4 وكأني بهذه القصة تعلم الإنسان أن يحافظ على الحيوان، فعليه حين يرسم الإنسان السياسات البيئية أخذ هذا بعين الإعتبار. وينغي أن ننوه إلى أن رعاية الحيوان في الإسلام وإن كانت تشمل الغالبية العظمى من الحيوان، إلا أن بعضها قد أستثني، فعن عائشة رضي الله عنها أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: "خمس من الدواب كلها فواسق تقتل في الحرم: الغراب والحدأة والعقرب والكلب العقور والفأرة ". ولا يخفى أن في هذا الحديث حكمة بالغة فيها حفظ للبيئة فالكلب العقور قد يحمل داء الكلب وغيره من الأمراض، والفئران تشكل خطرا صحيا وتهدد المحاصيل الزراعية، ولعله يمكن القياس عليها من ناحية الضرر الذي تسببه. ونجد في هذا الحديث أن الحيوان الوحيد الذي لم يكن هنالك تعميم بشأنه هو الكلب فالذي يقتل هو الذي يتسبب في الضرر، وهذا الحديث يتفق مع حديث آخر لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي يقول فيه: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البهيم" وأما أن الحيوان أمة، فهذه حقيقة قررها القرآن الكريم: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم، ما فرطنا في الكتاب من شيء) الأنعام:38 وإذا ما ذكّرنا بأن الحديث الذي يسمح بقتل الفواسق في الحرم، يحرم نباته وحيوانه، فصيد البر محرم على الحاج وهكذا، فإن الإسلام كان سباقا لمفهوم "المحمية الطبيعية" ولكنها بأمر رب العالمين: (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن إعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم. يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو إنتقام) المائدة:94 - 95 وقد جمع إبن كثير في تفسيره أحكاما وأقوالا كثيرة في تفسير هاتين الآيتين، تدل في مجملها على ما يجوز ولا يجوز فعله في الحرم. وما يترتب على المخالف والتقريع الشديد له. حفظ النباتات: دعى الإسلام إلى حفظ النباتات والأشجار بأن نهى عن قطعها فيما ليس فيه فائدة، وبحثه على زرعها لما فيها من الأجر. فقد ورد معنا في وصايا أبوبكر الصديق نهيه عن قطع الشجر كأدب من آداب الحرب، فكيف بنا نجوز قطعها في السلم بغرض الإفساد أو فيما لا طائل تحته وخصيصا ما نراه اليوم من إتباع للغرب في قطع شجر السرو وإدخاله للبيوت وتزيينه في أعياد رأس السنة الميلادية، فعشرات الملايين من الأشجار تذهب هباء كل عام بسبب هذه العادة، والتي يصحبها في كثير من الأحيان الحرائق التي تنشب من وجود تماس كهربائي في حبال الزينة الكهربائية التي تلف الأشجار وتؤدي إلى مقتل كثير من الناس! وللمقارنة مع الموقف السابق نسوق هذا الحديث الشريف: "من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار". وشجرة السدر، تنبت في الصحاري فينتفع الناس بتفيؤ ظلالها والأكل من ثمارها. والوعيد بالنار لمن قطع سدرة واحدة يدل على أهمية الحفاظ على مقومات البيئة الطبيعية وحفظ التوازن بين المخلوقات وعدم الاعتداء عليها عبثا وظلما. فكيف بالأمطار الحمضية ، والتي تنتج من تلويث الهواء وخصيصا المصانع والأليات التي تستخدم وقود البترول، وهي تقتل ملايين الأشجار. لقد حض الإسلام على الزراعة واعتبرها بابا من أبواب الأجر. فعن جابر - رضي الله عنه- أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " ‏ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة " ومن هنا كانت قضية إحياء الأرض الموات وهي تدل على عدم جواز تعطيل الأرض بدون زراعة وإعطاءها لمن يزرعها، وفي ذلك تفصيل. وهذا فيه حث على التشجير ومحاربة للتصحر.

    حفظ الأرض إن حفظ الأرض من التلوث تدل عليه الأحاديث التي تحث على نظافتها، وقد ربط الإسلام النظافة بالإيمان فجعلها قضية عقدية وهكذا الحديث: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" فإماطة الأذى عن الطريق ما هو إلاّ تنظيف لعائق مادي أو نفايات صلبة، فقد ورد في التعليق على هذا الحديث في صحيح مسلم بشرح النووي: "والمراد بالأذى كل ما يؤذي من حجر أو مدر أو شوك أو غيره." ‏عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏قال: "‏كانت شجرة في طريق الناس تؤذي الناس فأتاها رجل فعزلها عن طريق الناس. قال: قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏ ‏لقد ‏ ‏رأيته يتقلب في ظلها في الجنة" وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "اتقوا اللاعنين: الذي يتخلى في طريق الناس، أو في ظلتهم." وقال أيضا: "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، (يعني موارد المياه) وقارعة الطريق، والظل" و"التخلي" و"البراز" في الحديثين السابقين يشيران الى تلويث الأرض والمياه. والنهي عن التلويث المباشر للإنسان. يقاس عليه التلويث غير المباشر من خلال المجاري وهذا يعني أ

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 26 أبريل 2024, 21:27